The art of breastfeedingفن الإرضاع
قال تعالى في كتابه الكريم : بسم الله الرحمن الرحيم (( والوالداتُ يرضعنَ أولادهنَّ حولينِ كاملينِ لمنْ أرادَ أن يتمَّ الرضاعة )) البقرة (233 ) صدق الله العظيم .
بالرغم
من أن عملية الإنجاب والإرضاع هي عملية فطرية فيزيولوجية ، أودعها الله
تعالى في الإنسان والكثير من الحيوانات ، إلا أنها في الإنسان تكتسب أهمية
خاصة ، وتحتاج إلى عناية خاصة. من هنا نرى ، أنه يحق لنا أن نطلق عليها
عملية فن ، بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى …
وسنحرص
في هذه الدراسة المختصرة أن نجيب على أغلب الأسئلة التي تدور في أذهان
الأمهات الحريصات اللواتي يبحثن عن أفضل الطرق لإرضاع وتنشئة أطفالهن ،
وبالتالي يبحثن عن أفضل السبل لإتقان هذا الفن المحبب إلى قلوب الأمهات
جميعاً ، وهو فن إرضاع ورعاية وتنشئة الوليد الجديد … [/b]
محاسن الرضاعة الطبيعية
حليب
الأم هو أفضل غذاء للطفل الرضيع ، وهو الغذاء الطبيعي لكل مولود ، وخاصة
في الأشهر الأولى من عمره ، ولهذا يجب تشجيع كل الأمهات على الرضاعة
الطبيعية لما لها من أهمية وفوائد ، من أهمها : أنه حليب جاهز دوماً ،
وبالحرارة المناسبة ، والكمية المناسبة ، ولا يحتاج أي وقت لتحضيره ، فهو
يتدفق بمجرد وضع الطفل على ثدي الأم . وهو حليب طازج ونظيف وسهل الهضم
وخالٍ من أية ملوثات جرثومية، وهذا يجعل الأطفال الذين يرضعون من حليب
أمهاتهم أقل عرضة للالتهابات المعوية وغيرها …
كذلك
فإن مشاكل الحساسية وعدم تحمل حليب البقر التي نشاهدها عند أطفال القناني
، لا نشاهدها عند أطفال الرضاعة الطبيعية . ولقد ثبت بأن الكثير من
الأعراض الشائعة في الأطفال مثل : الإسهال
، والنزف المعوي ، والتقيؤ ، والمغص ، والأكزيما ، وغيرها ، أقل شيوعاً في
الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية . وكذلك فإن الالتهابات التنفسية
والدموية ، مثل : التهاب الأذن الوسطى ، وذات الرئة ، وتسمم الدم، والسحايا ، وجميع أمراض الحساسية ، والأمراض المزمنة ، أقل شيوعاً عند الأطفال الذين يرضعون من أمهاتهم ، منها عند غيرهم …
بالنسبة
للفوائد المناعية ، فإن حليب الأم يحتوي على أجسام مضادة ( IGA ) للبكتريا
والفيروسات ، وهي تمنع الميكروبات من الالتصاق بمخاطية الأمعاء وتقي
الأطفال من أمراض الإسهال وغيرها . كما أنه يحتوي على مناعة عالية ضد مرض
شلل الأطفال ، ولذلك فإن من فوائد الرضاعة الطبيعية أنها تحمي الأطفال حتى
من مخاطر اللقاح ضد شلل الأطفال ، وهو الفيروس الحي المضعف ، الذي سجلت
حالات نادرة جدا من المرض بسببه ( علماً بأن هذه الحالات النادرة لا
تستدعي القلق ، ولا تؤثر على مصداقية اللقاح العالية ). كما أنه يحتوي على
البالعات Macrophage التي تلعب دورا مهما في التصدي للمسببات المرضية ومنع
الالتهابات لدى الأطفال .
كذلك
فهو غني بعنصر ( لاكتوفيرين Lactopherin ) وهو بروتين مرتبط بالحديد ، وله
مفعول مثبط للبكتريا وبشكل خاص ( E . Coli ) المسؤولة عن أغلب التهابات
الأطفال . كما أن أنزيم لايباز Lipase القادم من حليب الأم ، والذي يتنشط
بواسطة الأملاح الصفراوية في أمعاء الطفل يصبح قادرا على قتل الطفيليات
المعوية ، وبالتالي يحمي الطفل من الإسهالات الطفيلية الجارديا والأميبا
Amebiasis & Giardiasis . ولقد ثبت وجود مناعة في حليب الأم ضد مرض التدرن الرئوي أيضاً …
تساؤلات مشروعة
المرأة
المرضع لديها الكثير من الأسئلة المشروعة بخصوص الرضاعة المثالية ، وربما
يكون قد أصابها بعض التشوش بسبب كثرة النصائح المغلوطة ، سواء من قبل
الأهل أو الجيران أو الأصدقاء أو حتى من قبل البعض من قليلي الخبرة من
الذين يعملون في الحقل الطبي …!
[b]: هل يحتاج الطفل الرضيع مع الحليب الذي يشربه إلى فيتامينات أو مقويات ؟
تقارن
المرأة المرضع ، وخاصة ذات الطفل الأول ، ولدها بأبناء إخوانها وأخواتها
وجاراتها وصديقاتها ، فإذا لاحظت أي فرق ، سواء في الوزن أو اللون أو
النضارة ، فإنها تسارع إلى الطبيب وتطلب منه المقويات والفيتامينات ،
وتذكر على سبيل التخصيص ( الحديد
و فيتامين D وفيتامين C …إلخ ) ظنا منها بأن هذا هو السبب الذي يجعل
رضيعها يلحق بأقرانه ، ولكي نضع النقاط العلمية على الحروف الطبية في هذا
الموضوع نقول : إن الطفل الذي ترضعه أم واعية وذات صحة جيدة وغذاء متوازن
، أو الذي يرضع من حليب قناني ( بعد أن تنافست الشركات العالمية في طرح
أجود أنواع الحليب المحسن والمزود بأغلب العناصر الضرورية للأطفال ) لا
يحتاج في الأشهر الخمسة الأولى إلى أي شيء غير الحليب .
هذه هي القاعدة الأساسية ، التي أرجو أن تطمئن لها كل الأمهات المرضعات ، ولكن لهذه القاعدة بعض الاستثناءات المحدودة وكما يلي :
* بالنسبة للكالسيوم
وفيتامين D : إذا كان الطفل يرضع من حليب الأم ، وكانت الأم المرضع لا
تشتهي شرب الحليب أو تناول الألبان والأجبان وغيرها من الأغذية الغنية
بالكالسيوم … وإذا كان الطفل قليل التعرض لأشعة الشمس أو كان من ذوي
البشرة السوداء فلا بأس من إعطائه فيتامين D بجرعة وقائية مقدارها (عشرة
ميكروغرامات /يومياً ) على شكل قطرات .
* أما
الحديد : فصحيح أن حليب الأم فقير به ، إذ لا تتجاوز كميته (نصف مليغرام /
في لتر من حليب الأم) ولكن مع ذلك فهو سهل الامتصاص من أمعاء الطفل ،
ومخازن الطفل من الحديد فيها ما يكفي لعدة أشهر ( حوالي ستة أشهر ) …
ولذلك فلا حاجة لإضافة الحديد إلى غذاء الطفل الذي يرضع رضاعة طبيعية من
أم ذات صحة جيدة وغذاء متوازن إلا بعد الشهر السادس من العمر ، عندها لا
بأس أن ندعم غذاء الطفل بأغذية غنية بالحديد، أو نعطي الحديد على شكل
قطرات أو شراب وبمعدل ( 2 ملغ/كغ من وزن الطفل يومياً ) وبما لا يزيد عن
(15 ملغ حديد يوميا ) . أما في العوائل الفقيرة ذات الغذاء غير المتوازن
فلا بأس أن نبدأ بدعم غذاء الرضيع بالحديد بشكل مبكر ( بداية الشهر
الثاني) للوقاية من فقر الدم بنقص الحديد .
* ما
ذا عن فيتامين K ؟ : حليب الأم فقير بهذا الفيتامين ، فنسبته لا تتجاوز (
15 ميكروغرام / ليتر ) ومع ذلك فيندر أن تنتج عن نقصه أية مشاكل ، ولكن قد
يتعرض بعض المواليد الجدد في الأيام والأسابيع الأولى من حياتهم لنزف دموي
بسيط ، سواء من السرة أو الأمعاء أو المجاري البولية أو غيرها ، سببه عدم
جاهزية الكبد لتصنيع هذا الفيتامين ، وخاصة في الأطفال الخدج وقليلي الوزن
، عندها لا بأس من إعطاء مثل هؤلاء الأطفال جرعة من فيتامين K على شكل
حقنة عضلية بمعدل ( 5 ملغ ) .. وهناك من يعطي جرعة وقائية من هذا
الفيتامين بمعدل ( 1 ملغ بالعضلة ) لكل مولود جديد … (يتوفر حاليا فيتامين
K في كثير من البلاد على هيئة سائل يعطى عن طريق الفم)