السؤال
السلام عليكم زوجي متزوج بزوجة ثانية قبل خمس سنوات وكان يقسم بيننا بالعدل ليلة وليلة، والآن زوجته الثانية حصلت على وظيفة رسمية من الوزارة في منطقة بعيدة عن منطقتنا وذهبت إلى هناك وحدها وزوجي جالس عندنا لظروف عمله وهو يزورها كل أسبوع أو أسبوعين حسب استطاعته ويبيت عندها أربع ليال.. ولكن المشكلة أنه يقول إنه في الإجازة التنشيطية القادمة بعد شهر إن شاء الله إذا حضرت زوجته الثانية إلى بلدتنا ستكون الاجازة كلها لها أي لن يقسم في المبيت بيننا. لكني رفضت بشدة وقلت له ليس لها حق لأنها ذهبت للعمل برغبتها وهي التي اختارت أن تكون بعيدة عن زوجها وإذا جاءت اقسم بيننا كما كنت تفعل قبل سفرها. ولم أقتنع أبدا بكلامه ولو كان لها حق لم يطلب مني التنازل! ولي حق أيضا ولأولادي في الترويح والنزهة في الإجازة، علما أنه في الإجازة الربيعية الماضية عندما جاءت لبلدنا تنازلت له أن يبيت عندها أربع ليال ثم يقسم باقي الإجازة واتفقنا والحمد لله, لكنه الآن يرفض ويريد الإجازة كلها لها. مارأي فضيلتكم في ذلك: هل أتنازل لها عن الإجازة؟ وهل أنا مخطئة؟ هل أتركه يفعل مايريد؟ وهل يجوز له أن يساومني بالمال لأتنازل عن ليلتي للثانية؟ أود معرفة توجيهاتكم قبل قدوم الإجازة، لذا أرجو الرد سريعا.. وشكرا.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
أختي الفاضلة بداية أود أن أحيي فيك أمرين مهمين، أولهما: أنك لم يغزك ما انتشر من فكر معوج، من تشدد كثيرات من النساء في رفضهن زواج أزواجهن بأخرى، أو اشتراط الطلاق حتى يتسنى له ذلك، كما يفعل ذلك كثيرات، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وثانيهما: احتكامك لدينك، ولأهل العلم في مشكلاتك، وهو المأمول والمرجو من المسلمة التي تحرص على رضا ربها، وتقديم الشرع على الهوى.
وأود أن أوضح أختي الفاضلة أن رأيي هنا يعبر عن فهمي للشرع، أو ما أراه موافقا للحل، فلك أن تسترشدي به، ولك أن تناقشي فيه، فهو ليس وحيا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بل هو رأي بشري يظل عرضة للصواب والخطأ.
تعدد الزوجات أمر حلال، شرعه الله عز وجل، واشترط فيه الإسلام: العدل، والقدرة، أي: العدل المادي، ووصل حد تشديد الشرع في العدل، إلى مرحلة ربما لا يفطن فيها البعض، حتى بين الأولاد، بحيث لا يفرق بينهم في القبلات، وذلك لما يسببه مثل هذه الأفعال من غيرة، وتحاسد، وتغير في القلوب.
وبخصوص مشكلتك مع زوجك، من حيث قسمة الإجازة بينك وبين زوجه الثانية، فما أراه أنه ليس من حق زوجك حرمانك وأولادك من نصيبهم من الإجازة، وأن تستأثر بها وحدها، فهذا ليس من العدل المطلوب بين الزوجات، كما أنه يوغر الصدر، ويثير الحفيظة، ويفخخ العلاقة الزوجية، ويغرس فيها المشكلات.
وأقترح عليك ما يلي:
1ـ أن تجلسا معا للتفاهم حول قسمة الإجازة، قسمة عادلة، يوزان فيها الأمور، ولا بأس بأن تأخذ الزوجة الثانية قسطا أكبر بقليل يعوضها عن عدم الرؤية المدة الماضية، وليكن ذلك بالتوافق بينكما.
2ـ ذكريه بحق أولاده عليه، وأن الإجازة فرصة للقائه، والتمتع بها معه، فلا غنى للطفل عن الاستمتاع بالأبوين معا.
3ـ ذكريه بالعدل الذي فرضه الإسلام عليه، وكيف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين زوجاته نصيبه، ويقول: "اللهم إن هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني بما تملك ولا أملك" أي أنه كان يقسم بالعدل، ويطلب من الله العفو في مسألة الميل القلبي الذي لا حيلة له فيه، فإلى هذه الدرجة كان يخشى صلى الله عليه وسلم، وهو الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أن يحاسبه الله على أي ميل أيا ما كان.
4ـ إذا فشلت المحاولة مع الزوج، فأمامك اللجوء إلى الأهل والأقارب من أهل الحكمة والكياسة والتدين، فليكونوا حكما بينكما في أمر كهذا، واختاري أقرب الشخصيات إليه، والأكثر تأثيرا فيه، وتذكيرا له بالله، وليكن طلبك للمحكمين بتعقل وتروٍ، ولا تجرحيه بذكر ما يعتبره من أسرار البيت.
وفقك الله لما يحبه ويرضاه، ورزقك الرضا والطمأنينة والسكينة.
__________________